الحرية في المجتمعات الغربية والعربية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الاداب - جامعة حلوان

المستخلص

        إن التطور الحضاري لمجتمع ما يرتبط ارتباطا وثيقا بالتطور العلمي والسياسي والفکري على السواء وإن قياس مستويات هذا التطور يکون بمدى الإحساس بهامش الحرية في ممارسة الإبداع والتعبير فتقلص هامش الحرية يحول دون هذا التطور ويقف حجر عثرة أمام النمو الفکري لأفراد المجتمع ويحارب الفکر الحواري والمثمر، وبالتالي الزيادة في معدل الأمية والتخلف والجريمة والجهل والصراع الطبقي والديني والقيمي والثقافي. فالحرية هي قضية الإنسان منذ بدء وعيه وهي من طبيعته وصراعه في الحياة متحدياً ومناضلا في کل المحاولات الفاعلة لمصيره. يتناوب فيها أو يتلاعب بها، دون أن يمارسها کما يجب أن تکون ويرتد عنها مطالبا بها في إطار أسبابها الموجبة باسم القيم الإنسانية، کذلک کان التاريخ حافلا بالتناقض في هذا الصراع بين الإنسان بفرديته وبين واقعه الاجتماعي محاولا کشف الحقيقة بفهم الوجود بين ذاتيته ومجتمع.
       إن لکل أمة من الأمم مفهومها للحرية، وتستمد قيودها من قناعتها بدينها أو أخلاقها وأعرافها. وتکون هذه القيود قليلة عند أمم، کثيرة عند أمم أخرى. فالحرية مفهوم من المفاهيم الکبرى التی تحکم وعي الإنسان فتحرک مشاعره وتوجّه فعله، وهی لذلک من المفاهيم التی يصعب تحديدها تحديداً جامعاً ومانعاً، نظراً لتأثرها بالخبرة الاجتماعية وارتباط معانيها بجملة من المفاهيم المساوقة.  فلها مفاهيم عدة تختلف علی حسب زاوية الرؤية التی ننظر منها لهذا المصطلح، والحقيقة أن الحرية من مقومات بقاء واستمرار الإنسان والمجتمعات البشرية ولا نبالغ إذا قلنا إن الإنسان لا يحيا بدون الحرية.  فالکائن البشری لا يستطيع الاستمرار فی حياته بدون هذا العامل؛ فيحتاج إلى الحرية ليؤکد من خلالها إنسانيته وکرامته. ولذلک نری البشرية منذ وجودها، وهی فی کفاح ونضال مستمرين من أجل الوصول إليها وامتلاکها والحفاظ عليها.

     إن البحث في مجال الحرية لا يعد من الأمور السهلة، وخاصة إذا کان نطاق البحث متعلق بدول العالم    الثالث، والذي تصنف الدول العربية ضمن منظومته. فنجد من يکتب فى دائرة الحريات العامة يتردد بين تقديم الحقيقة بشکل موضوعي ومجرد، وبين المجاملة على حساب البحث العلمى قد مرت الحرية بمحطات تطور کثيرة على امتداد التاريخ الإنساني، بدءاً بالاستعباد والاسترقاق، وقصرها على طبقة معينة دون غيرها، وانتهاء ًبقهمها وترسيخها کحق لبنى البشر فأصبحت مطلبا يسعى إليه الإنسان لينتقل من مملکة الضرورة، إلى مملکة الحرية، أي الانتقال من رحاب الدجى والقيد والاستعباد، إلى رحاب النور والتحرر والکرامة الإنسانية. فالحرية هى ملاک الحياة الإنسانية لا تخلقها الشرائع بل تنظمها، ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها، ومختلف توجهاتها، تحقيقاً للخير المشترک للجماعة، فهي لأتقبل القيود إلا ما کان هادفاً لهذه الغاية. 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية