صورة الرسول الکريم محمد صلى الله عليه وسلم : في ضوء کتابات مُؤرخي غرب أوربا على عصر الحروب الصليبية 1095-1291م

يهدف هذا البحث إلى الوقوف على أهم ملامح صورة الرسول الکريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في ضوء کتابات مؤرخي غرب أوربا خلال عصر الحروب الصليبية (1095-1291م) بصفتها فترة مهمة من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى. وسوف يقتصر البحث على تقديم تلک الصورة في ضوء کتابات مُؤرخي غرب أوربا آنذاک تمييزًا لهم عن المؤرخين غير الأوربيين الذين أرخوا لعصر الحروب الصليبية. ومما دفعني إلى دراسة هذا الموضوع أن أغلب الأفکار التي ناقشها المستشرقون عن سيرة الرسول الکريم صلى الله عليه وسلم کانت وليدة حقب تاريخية سابقة على غرار العصر البيزنطي عمومًا وفترة الحروب الصليبية خصوصًا⁽[1]⁾ وذلک نتيجة للاحتکاک المُباشر والاتصال الذي وقع بين الأوربيين اللاتين وبين المسلمين في الشرق، ويرى الباحث أن هذا الموضوع يُجذّر لأهم ملامح الصورة التي شکل المُستشرقون على خلفيتها صورتهم المُشوهة والمُلفقة عن الإسلام ورسوله الکريم صلى الله عليه وسلم.
وقد نتج عن ذلک رسم کثير من الصور المُلفقة والمغلوطة عن الرسول صلى الله عليه وسلم کأداة للتحريض ضد الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه دعا إلى الإسلام المُعادي من وجهة نظرهم للمسيحية. ويهدف الباحث إلى تفسير أهم ملامح صورتهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفقًا لظروف عصرهم وثقافتهم وتوجهاتهم، خصوصًا أن البابوية لفقت الأباطيل والأکاذيب ضد المسلمين ووظفتها في الدعاية المُسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم^([3]) کي تُثير حماسة الأوربيين لحثهم على المشارکة في الحملات الصليبية حينما تنهار أيديولوجيتهم^([4]). وفضلًا عن ذلک فلا تُوجد دراسة مُتخصصة باللغة العربية عن هذا الموضوع وذلک بالرغم من خطورته وشدة حساسيته، بينما عالجت بعض الدراسات العربية والأجنبية صورة الإسلام والمسلمين سواء من خلال أحد المؤرخين الصليبيين أو بعضهم أم بشکل عام، وعالج بعضها مدى تطور نمط الکتابة عن الرسول الکريم صلى الله عليه وسلم في ست حوليات أوربية معاصرة لفترة الحروب الصليبية.