تسبيب القرار الإداري في المملکة العربية السعودية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الحقوق – جامعة الملک فيصل ، المملکة العربية السعودية

المستخلص

إن الإدارة العامة من أجل تحقيق الغايات المرجوة من أنظمتها وتحقيق المصلحة العامة التي وجدت لأجلها تحتاج إلى منظومة من الأساليب المادية والقانونية التي تنسجم مع طبيعتها وتنصب لصالح أهدافها.
 وتأتي القرارات الإدارية في مقدمة الأساليب القانونية التي تنتجها الإدارة من أجل تحقيق هذه المهام تجاه العاملين فيها أو المتعاملين معها أو کل من تتعلق بهم تلک القرارات، ويعد أسلوب القرار الإداري من أکثر مظاهر السلطة العامة التي تبرز أقوى صورها فهويصدر بإرادة منفردة وملزمة من قبل الإدارة، وعلى من يوجه إليهم هذا القرار الالتزام به ومن هنا تکمن أهمية هذه الوسيلة الإدارية.
 فالقرار الإداري درب مهم للإدارة لا يمکن الحياد عنه فالمصلحة العامة لا يمکن تحقيقها إلا من خلاله، وکما يتعلم رجل الإدارة فن صناعة القرار من الناحية الإدارية فإن عليه وبنفس الأهمية أن يتقن صناعة القرار من الناحية القانونية ليحمي قراره من الإلغاء ويبعد عن إدارته الآثار السلبية الناتجة عن هذا الإلغاء.
لذا فإن فقهاء القانون أوضحوا أن للقرار الإداري خمسة أرکان هي: الاختصاص والمحل والسبب والشکل والغاية فالفقرة (ب) من المادة  (٨/ 1) من نظام ديوان المظالم لعام ١٤٠٢هـ والفقرة (ب) من المادة (١٣) من نظام الديوان لعام ١٤٢٨هـ أکدتا على هذه الأرکان حيث قضتا باختصاص ديوان المظالم (المحاکم الإدارية) بالفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذووا الشأن متى کان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشکل أو عيب في السبب أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، فتسبيب القرار الإداري يدخل ضمن العيوب الشکلية للقرار وتنظر فيه المحاکم الإدارية.
ويجب التفرقة في أن تسبيب القرارات الإدارية يختلف عن سبب القرار فالأصل في کل قرار إداري أنه يقوم على سبب أو عدة أسباب قانونية وواقعية تشکل أساس إصداره، أماالتسبيب فيعني الإفصاح عن الأسباب التي يستند إليها القرار.
فمن أقصى أنواع التعسف أن تقوم الإدارة بإصدار قرارات تمس حقوق أو حريات الأفراد دون أي مبرر وبناءً على اجتهادات العاملين عليها، فبناء على ذلک يکون تسبيب القرار الإداري إحدى الضمانات التي تحمي حريات وحقوق الأفراد من تعسف وظلم الإدارة، وبنفس الوقت يساعد التسبيب في خلق نوع من الثقة بين الإدارة والأفراد إذ يستطيع المعني بالقرار فهم الأسباب الواقعية والقانونية التي دعت الإدارة إلى إصداره.
ويتناول هذا البحث تسبيب القرارات الإدارية في المملکة العربية السعودية دارسة وصفية تحليلية، تستوعب کافة الجوانب القانونية لتسبيب القرارات الإدارية، ابتداءً ببحث ماهيته وشروط صحته وانتهاءً بالقاعدة العامة للتسبيب واستثنائها وأخيراً الرقابة القضائية في ضوء عدد من تطبيقات قضاء ديوان المظالم السعودي في أحکامه المنشورة وغير المنشورة.