خدمات الرعاية والتأهيل لمؤسسات الإحداث فى الأردن

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

کلیة عجلون الجامعیة

المستخلص

 







عانى المسجونون أو الموقوفون في السجون من العزلة والحرمان والإهمال والنبذ والضياع في الماضي، وکان ينظر إليهم باعتبارهم فئة غير قابلة للإصلاح، حيث يعزلون عن المجتمع في زوايا النسيان حتى من جانب أسرهم، فيما عدا بعض المراکز التي کانت ترعى قلة منهم من باب الشفقة، وحتى عندما بدأ البعض ينادي بإعطاء السجين فرصة ليثبت نفسه أمام مجتمعه، ظل المجتمع يصمهم بوصمة مرتکبي الجرائم، ويعتبرهم تهديداً خطيراً عليه.
إن المسجونين مهما اختلفت جنياتهم وجرائمهم لهم بعض الآمال والتطلعات والحقوق کغيرهم من الناس، ومع ذلک فإن هذا الحق غير مقدّر وغير معمول به في العالم، حيث يلاحظ من خلال المشاهدات والحقائق الثابتة، أنه لا يوجد دولة في العالم تعطي السجين کامل حقوقه حتى في الدول التي تدعي أنها تطبق کامل الديمقراطية (المجالي، 1987).
وتاريخياً عني الخلفاء وحکام المسلمين بالمسجونين، ويبدو ذلک واضحاً في اهتمام عمر بن الخطاب، وعبد الملک بن مروان وعمر بن عبد العزيز من الخلفاء المسلمين وحکامهم، بتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لهم، بغض النظر عن نوعية تلک الجرائم التي اقترفوهما، فيما عدا جرائم التي توجب الحدود والقصاص (أبو عامر، 2000) .
ومع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، بدأ البعض ينتقدون أسلوب رعاية المسجونين بشکل عام والأخص منهم رعاية الأحداث في مؤسسات الاصلاح أو مراکز تأهيل الإحداث، حيث إنه غالباً لا تقدم لهم خدمات ورعاية مناسبة لهم أو معاملتهم کمواطنين في المجتمع (العلي، 2005)
وقد تغيرت نظرة المجتمعات للمسجونين تغيراً کبيراً على مر العصور، فقد کان المسجونون يلقون داخل القبضان دون الاهتمام بمراعاة مشاعرهم وتطلعاتهم وخلق المواهب الکامنة في داخلهم، حيث نادى بعضهم بضرورة إلحاق المسجونين بدورات وبرامج تأهيلية تساعدهم على توجيه طاقاتهم وقدراتهم نحو خدمة المجتمع؛ لذلک تغير مفهوم السجن إلى مرکز إصلاح وتأهيل، وتم استحداث دوراً لرعاية الأحداث ( الشرفي، 1998).
ظهور الحرکات الإصلاحية التي نادت بتحسين أوضاع السجون والسجناء
ذکر وايتلي (Whitely, 2004 ) أن المصلحين الاجتماعيين الذين طالبوا بإصلاح أوضاع السجون المصلح البريطاني الشهير جون هوارد (John Howard) الذي انتقد أوضاع السجون الاوروبية والحالة المزرية التي يعيشها المسجونون فيها، والمعاملة التي يتلقاها النزلاء في هذه السجون، وأخذ ينتقص من قدر هذا النموذج الهمجي في الاصلاح وينادي بتأهيل الإصلاح.
ويذکر العوجي (1980) أنه في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، ظهرت حرکة إصلاحية ذات طابع اجتماعي وإنساني على يد المحامي الإيطالي فيليبوجراماتيکا، وهي حرکة الدفاع الاجتماعي، وتتلخص فلسفة جراماتيکا في ضرورة قيام الدولة بتنشئة الأفراد وتأهيلهم في حالة جنوحهم وليس عقابهم، ومن هنا فقد نادى بإلغاء قانون العقوبات وتسميته بقانون الدفاع الاجتماعي، وإلغاء اسم الجريمة وإطلاق وصف العصيان الاجتماعي عليها، وإلغاء العقوبة وإبدال التدابير الوقائية والتربوية والاجتماعية بها.
کما ذکر الغزوي (1988) نقلاً عن المرکز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية أنه في المؤتمر الأول الذي عقدته هيئة الأمم المتحدة عام (1955)، بمدينة جنيف بسويسرا، تم إصدار قواعد تعد الحد الأدنى لمعاملة النزلاء، وتم بموجب هذا المؤتمر توجيه دعوة للدول والحکومات الأعضاء للعمل على وضع تلک القواعد موضع التنفيذ الفعلي في إدارة المؤسسات العقابية، ومعاملة نزلائها على أساس أنها تمثل فلسفة العقاب الحديثة التي تأخذ بمبدأ أن السجن إصلاح وتقويم وليس إرهاباً وتعذيباً.
واقع مرکز الاصلاح التأهيل في الأردن:
قامت مؤسسة الأمن العام بإجراء دراسات ميدانية لأوضاع السجون في الاردن، وأن هذه الدراسات أظهرت وجود مشکلات متراکمة تعاني منها المؤسسات العقابية، ومن هذه المشکلات: الأبنية الضيقة التي لا تتناسب وإعداد النزلاء المتزايدة، وعدم کفاءة الفريق الإداري، وغياب الأدوار الاجتماعية التي تسهم بها الجهات الرسمية، کتخصيص أخصائيين اجتماعيين ونفسيين، وغياب الرعاية اللاحقة للنزيل، وغياب التأهيل بمعناه الحقيقي (المجالي، 1987).
کما ذکر المجالي (1987) أنه بالرغم من اهتمام ” قانون السجون الأردني” بأوضاع السجون وظروف القائمين عليها، فقد تعذر الأخذ بالمبادئ الأساسية للإصلاح والتأهيل، وعلى رأسها العزل والتصنيف وفقاً للجنس والسن ودرجة الخطورة الاجرامية، کما تعذر تخصيص مراکز خاصة بالإناث حتى في نطاق المؤسسة نفسها، واقتصر الأمر على وضع النزيلات في إحدى غرف سجن الرجال، إلا أنه بعد عام (1986) طبقت کل اعتبارات التصنيف في مراکز الإصلاح والتأهيل الجديدة.
برامج التأهيل المهني وتشغيل النزلاء:
يلاحظ المطلع على نص قانون السجون الأردني، أنه لم يتضمن التدابير الخاصة بالتأهيل المهني، فقد کانت قبيل عام (1985) أوضاع السجون لا تعير قضية التأهيل المهني أي اهتمام، وهي تعتبر دعامة الإصلاح وحصناً من خطر الجريمة تحت ظروف الحاجة والعوز، فقد تم الاکتفاء ببعض الأعمال الهزيلة (کشک الخرز وما شابه ذلک) التي لا يشفع لها سوى ضعف الحيلة والاستکانة للراحة والخمول، ولا مکان لتداولها في غير السجون، وعلى هذا الأساس لم تکن توفر للنزيل فرص العيش السوي بعد انقضاء مدة محکوميته، وقد عملت مديرية الأمن العام من تهيئة مرکزي إصلاح الجويدة وقفقفا بعد عام (1985) بالشکل الذي تحرص عليه المؤسسات العقابية الحديثة. (المجالي، 1987).
برامج التأهيل الثقافي:
تعمل إدارة الإصلاح على تأهيل النزيل ثقافياً عن طريق التعليم والمحاضرات والارشاد الديني، لتکسب النزيل السلوک السوي، ومن الأمثلة على برامج التأهيل الثقافي، برامج محو الأمية، وتيسير الفرص أمام النزلاء الراغبين في التقدم لنيل الشهادة الثانوية، وتشجيع النزلاء الراغبين باتمام دراساتهم في إحدى کليات المجتمع، بالاضافة إلى توفير مکتبة للنزلاء ودورات على ممارسة مواهبهم داخل المرکز مثل: الشعر، والفن، والموسيقى ( الغزوي، 1988).
برامج الرعاية الاجتماعية:
نص قانون السجون على جواز زيارة النزلاء، إلى أن الصلة بين النزيل والمجتمع تتم عن طريق الزيارات التي يتلقاها النزيل من أفراد أسرته أو آخرين، حيث تشجع إدارة المراکز الزيارة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع. وهذا الأسلوب بحد ذاته يشعر النزيل بالمرارة إذ يحاول النزيل لمس أحد أطفاله فلا يستطيع بسبب الحاجز.
برامج الرعاية الصحية والدينية:
نص قانون السجون على الرعاية الصحية، ولذلک حرصت مراکز الاصلاح على توفير هذه الرعاية للنزلاء کما تزود هذه المراکز النزلاء بالمياه وأدوات النظافة والأغطية والبطانيات والأسرة المستقلة، کما توفر إدارة المرکز وسائل الوعظ الديني وتسمح بدخول رجال الدين.
الانشطة الرياضية والترفيهية:
تعد الرياضة وسيلة لبناء الاجسام وتفويتها، وهي من مقومات الحفاظ على الصحة العامة، فينبغي أن يلتزم السجين بحسب ظروفه وأحواله، وأن يمکن من ممارستها بالوسائل والطرق المتاحة، ومن الرياضة التنزة والحرکة في الهواء الطلق، ومنها ممارسة الترينات الرياضية، وعلى إدارة السجن الإشراف على ذلک (الشرفي، 1998).
وقد أکد أبو عامر (2000) بأن التمرينات الرياضية والترفيهية وبصفة خاصة التنزه أثر طيب على النزيل، ولهذا يکون من الضروري توفير الأماکن والأدوات اللازمة لهذا الغرض، ومع زيادة الاهتمام بالحقوق الانسانية للنزلاء في مراکز الاصلاح والتأهيل في الأردن أدخلت مختلف الألعاب لهذه المراکز من خلال إنشاء الصالات الرياضية المزودة بالامکانات اللازمة لممارسة الانشطة الرياضية المختلفة کالالعاب الجماعية مثل: کرة القدم والسلة والطائرة أو الألعاب الفردية کلعبة الشطرنج وتنس الطاولة وغيرها، حيث يوجد مدرسة نموذجية في مرکز إصلاح السواقة يحتوي على ملاعب مختلفة وغرفة حديد يستطيع النزلاء ممارسة الأنشطة الرياضية فيه، کما يوجد العديد من المدربين والمشرفين لهذه الأنشطة الرياضية، حيث تتوفر الملاعب في مختلف مراکز الإصلاح والتأهيل في الأردن.







 

 
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية