للجملة العربية أسرارها وإعجازها بناء وفهما ، ذلک أن هناک فرقا بين بناء الجملة وفهم معنى الجملة ، أو بين المبنى والمعنى ، أو بين الترکيب والتحليل ، ” أما بناء الجملة فهو إحياء کم غير منظم من المفردات بترشيح مجموعة من العلاقات النحوية بينها ، وأما فهم الجملة فهو يتمثل في إدراک مجموع العلاقات الأساسية التي تربط بين مفرداتها المتفرقة ” ( ) ، أو يتمثل فهم الجملة فى فهم المعنى الدلالى الأکبر الذى هو نتاج العلاقة بين البنية العميقة المتمثلة فى سياق الجملة المقامى (مسرح حدثها ) والبنية السطحية المتمثلة فى علاقات التجاور بين الوحدات الترکيبية المکونة لهذه الجملة ، أى أن الذى يبنى الجملة يحتاج إلى أمرين : الأول جمهرة من المفردات الموجودة فى الذهن أو المجموعة فى المعاجم والثانى هو تحريک أو إحياء بعض هذه المفردات مستعينا بالعلاقات النحوية اللازمة لذلک ، مراعيا المناسبة المعجمية بين المفردات المتجاورة المرکبة للجملة ، وينبغى على من يريد فهم هذه الجملة أن يدرک العلاقات التى تربط بين مفرداتها من خلال فهم المعنى المعجمى والمعنى الوظيفى أو النحوى ومسرح الحدث ، ومن ثم الوصول إلى المعنى الدلالى الأکبر الذى هو نتاج هذه الثلاثية مجتمعة ، أو هو نتاج العلاقة بين البنية العميقة والبنية السطحية ، أى أن البانى ومحاول الفهم يحتاج کل منهما إلى المعنى المعجمى والمعنى الوظيفى أو النحوى والتجربة أو مسرح الحدث ، بيد أن الأول يحتاج هذه الثلاثية للکتابة أو البناء ، والثانى يحتاجها للفهم ، وبذلک تکون وسائل أو آليات العمل واحدة والهدف المرجو مختلفا وإذا کان بناء الجملة من عمل الکاتب وفهمها من عمل الناقد أو المحلل أو الشارح إلا أنه عندما يحلل الناقد جملة ما ويکتب نصه التحليلى الشارح لهذه الجملة يکون قد أجرى عمليتين متلازمتين فى آن واحد الأولى تحليلية والثانية ترکيبية ، إذ أن الناقد عندما يکتب نصه النقدى أو التحليلى يحلل الجملة ويحاول فهم معناها مترجما ذلک کله فى صورة جملة أو جمل هى بدورها مبان تحتاج إلى فک وتحليل ، وبذلک يصبح الناقد کاتبا يحتاج إلى من يحلل نقده وکتاباته ، وتستمر هذه الثنائية المتلازمة بين البناء والفهم دون توقف ، وبذلک يمکن القول إن البناء فهم والفهم بناء ، فالبيت الشعرى بناء وتحليله فهم ، والآية القرآنية بناء وتفسيرها فهم ، والنص الأدبى أو المقالة الأدبية بناء وشرحهما فهم ، وکل هذه الأفهام تتحول بمجرد تدوينها فى صورة جمل إلى أبنية تحتاج إلى من يفهمها . وهذا البحث محاولة للوقوف على العلاقة بين بناء الجملة وفهمها من خلال بعض النصوص التى تعنى بذلک ، وشروحها التى عنيت بفکرة النص المشروح نفسها ولو لم ينوه أو يشر الشارح إلى أن هذا النص شرح أو تحليل لذلک وسأقوم بتطبيق ذلک على فاتحة الکتاب فهى أعظم سورة فى القرآن وهى السبع المثانى ولأنها اشتملت على أنواع التوحيد ، ولما فى جملها القصار من إعجاز وإحکام فى البناء على الرغم من قلة عدد مفرداتها وقصر جملها وآياتها ومع هذا الإيجاز فى البناء نجدها اشتملت على معان عظيمة تحير العقول ، وهذه مزية فريدة وشکل عجيب من أشکال إعجاز القرآن الکريم الذى تحدى الله به البشر ، ” وتسمى أم القرآن لکونها أصلا ومنشأ له، إما لمبدئيتها له، وإما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله عز وجل، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحکم النظرية، والأحکام العملية التي هي سلوک الصراط المستقيم .... وتسمى الکنز ... وتسمى سورة الحمد والشکر والدعاء ” ( ) وهذه المشتملات هى ( التفصيلية ) وهى أحد الروابط المعنوية فى فاتحة الکتاب.
عبدالعزيز, وحيد الدين طاهر. (2009). تراکيب الفاتحة بين البناء والفهم. مجلة بحوث کلية الآداب . جامعة المنوفية, 20(79), 1-27. doi: 10.21608/sjam.2009.137665
MLA
وحيد الدين طاهر عبدالعزيز. "تراکيب الفاتحة بين البناء والفهم", مجلة بحوث کلية الآداب . جامعة المنوفية, 20, 79, 2009, 1-27. doi: 10.21608/sjam.2009.137665
HARVARD
عبدالعزيز, وحيد الدين طاهر. (2009). 'تراکيب الفاتحة بين البناء والفهم', مجلة بحوث کلية الآداب . جامعة المنوفية, 20(79), pp. 1-27. doi: 10.21608/sjam.2009.137665
VANCOUVER
عبدالعزيز, وحيد الدين طاهر. تراکيب الفاتحة بين البناء والفهم. مجلة بحوث کلية الآداب . جامعة المنوفية, 2009; 20(79): 1-27. doi: 10.21608/sjam.2009.137665