تقنيات السرد في رواية (عتبات البهجة)لإبراهيم عبد المجيد

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الاداب_جامعة الاسکندرية

المستخلص

 



الرواية فنّ نثريّ، تخييليّ، طويل نسبياً( ) – بالقياس إلي فن القصة القصيرة مثلاً، لذا فهو فنّ يعکس عالماً من الأحداث والعلاقات الواسعة والمغامرات المثيرة. وفي الرواية تمکن ثقافات إنسانية وأدبية مختلفة، فهي تسمح باستيعاب جميع الأجناس التعبيرية في کيانها (قصص، قصائد، نصوص بلاغية، نصوص تاريخية ودينية وعلمية).
فإن أي جنس تعبيري يمکنه أن يدخل إلي بنية الرواية. وليس من السهل العثور على جنس تعبيري واحد لم يسبق له... أن ألحقه کاتب أو آخر بالرواية( ).
ويختلف مفهوم الرواية تبعاً للمناهج النقدية التي تبحث فيها: التاريخي أو الرومانسي أو الواقعي أو الفلسفي أو الرمزي أو النفسي. فهذه المناهج يقارب نقادها العمل الروائي انطلاقاً من مرجعياتهم الخارجية المسبقة، ويوظفونها لفهم النصّ وتحليله.
أما المنهج البنيوي، فيعني بالنصّ من الداخل، ويري أَنّ ”الفن الروائي شيء قائم بذاته، عالم مستقل بنفسه وليس وسيلة إلي أغراض أخرى مهما کانت أهميتها... فهو عالم يخلق قوانينه من داخله ولا يستمدها من قوالب مسبقة ولا من حقائق ثابتة في المجتمع...” ( ).
لقد عزل البنيويون النص الروائي عن المؤثرات الخارجية، وانطلقوا من العناصر الداخلية لبنية النصّ، حتى ليمکن القول إنهم وضعوا النص تحت ”المجهر البنيوي” کما أطلق عليه د. عبد الملک مرتاض. وهکذا اعتبروا أنّ النص وحده هو الجدير بالدراسة.
مفهوم السرد:
عّرفه ابن منظور قائلاً: ”سرد الحديث ونحوه يسرده سرداً إذا تابعه. وفلان يسرد الحديث سرداً إذا کان جيّد السياق له. وفي صفة کلامه صلي الله عليه وسلم: لم يکن يسرد الحديث سرداً أي يتابعه ويستعجل فيه”( ).
و(السرديات) Narratologie هو ”المصطلح الذي اقترحه توردوف سنة 1969م لتسمية علم لم يوجد وقتها وهو (علم الحکي) La Science du Récit ويمثل هذا العلم فرعاً من فروع الشعرية عند بعض النقاد، بيد أن الدراسات السردية الحديثة التي يُجمع الباحثون على أن فلاديمير بروب هو أول من دشنها بعمله الرائد (مورفولوجية الحکاية) سنة 1928م قد سبقت ميلاد علمها بأکثر من 40 سنة کاملة، فقد کانت المسافة الزمنية الشاسعة (1928 – 1969) وما تلاها مسرحاً لکثير من البحوث السردية المتمايزة في الرؤي والمناهج والمصطلحات آلت إلي شيوع مصطلح آخر هو (السردية Narratvité) الذي يفوق المصطلح السابق من الوجهة التداولية بشهادة جيرار جييت!
وإذا کان (علم السرد) هو دراسة السرد أي البني السردية فإنها (السردية) ترد في قاموس جريماس بهذا التعريف الفضفاض:
”خاصية معطاة، تشخص نمطاً خطابياً معينا، ومنها يمکننا تمييز الخطابات السردية من غير السردية”.
أما السرديات البنيوية Narratologie Structuraliste فهي ”تحليل مکونات الحکي وآلياته، هذا الحکي الذي يمثل حکاية منقولة بفعل سردي وهي تُعني بالحکي بوصفه صيغة للعرض الفعلي للحکاية، إنها تجيب عن هذا السؤال: مَنْ؟ وماذا يحکي؟ وکيف؟”( ).
والسرد هو الحکي أو نسج الحکاية أو ”کل ما يتعلق بالقصّ”( ).
وهو ”الطريقة التي يختارها الروائي أو القاص.. ليقدم بها الحدث إلي المتلقي”( ).
وعند ناقد آخر هو ”الکيفية أو الطريقة التي تروى بها الرواية عن طريق المکونات السردية الراوي – المروي (الرواية) – المروي له”( ).
أما الحکي فهو تجلٍ خطابي ”سواء کان هذا الخطاب يوظف اللغة أو غيرها ويمثل هذا التجلي الخطابي من توالي أحداث مترابطة تحکمها علاقات متداخلة بين مختلف مکوناتها وعناصرها”( ).
والسرد عند الناقد ترجمة لمصطلح narration بالإنجليزية وهو خاص بالرواية لأنه يتعلق بتقديم الحکاية عن طريق اللغة وهو أخص من الحکي لأنه مجرد صياغة لغوية بينما الحکي صناعة للحکاية بکل مستوياتها.
ثم يولد الناقد مصطلحاً آخر هو العرض representation، ويعني به أن تقدم الشخصيات أنفسها عن طريق المشاهد الحوارية.
ويري ناقد آخر أن (السرد) هو (الخطاب)، والخطاب وسيلته السرد والعرض ”فالکاتب قد يجعل أحداث الرواية وأوصاف الناس فيها وهيئاتهم وأفکارهم وأحاديثهم موصوفة من خلال لغة سارد أو أکثر، أو حسب رؤيته، أو من خلال عقلية راو.. وقد يکون هذا الرواي هو نفسه السارد وقد لا يکون.. السرد إذن خطاب يرتبط بسارد، وأما العرض فهو خطاب لا يرتبط به( ).
وعند الناقد أن ”الرواية بوصفها عملاً نثرياً أدبياً يعبر عن تجربة عن طريق عالم خيالي متفاعل، تتسع لمفاهيم هذه المصطلحات، بل تستوعبها جميعاً في وقت واحد دون أن يکون هناک تداخل أو تکرار أو تناقض”.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية