ذو الرمة بين الانکسار و ترميم الذات : مقاربة نفسية اجتماعية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الأدب العربي القديم-قسم اللغة العربية کلية الآداب- جامعة بني سويف

المستخلص

من الطبيعي أن تمر أي نفس بشرية بظروف قاسية کتلک التي مر بها ذو الرمة من محاولة الإقصاء، فکلما کانت الذات التي تتعرض لتلک الظروف القاسية على قدر من الوعي الکافي، استطاعت تجاوز الأزمة، وقد امتلک ذو الرمة أدوات المقاومة التي ساعدته في ترميم ذاته التي منيت بمحاولات الإحباط والتهميش، مما جعله يستعيد التوازن النفسي بتقديم نماذج إبداعية  تکشف من خلال القراءة المتأنية عمق الدلالات التي قدمها ليرأب صدع نفسه، کما تکشف کيف استطاع من خلال وعيه الثقافي من إعادة إنتاج لغة الشعر الجاهلي " فقد استخدم معجم اللغة التقليدية ولجأ إلى استخدام الصور التقليدية إلا أنه جاوزها إلى تشکيل تجربة نفسية مختلفة.... فقدم تجربة فنية تحمل تميزها الخاص ."[1]  بعدما کساه وعيا حضاريا تخطى به أزمة ذاته التي تعرضت للانکسار، فقام بذکاء وعمق وفطنة على ترميم تلک التصدعات التي لحقت بتلک الذات .
 صحيح أن ذا الرمة لم يکن الوحيد من الشعراء الذين وصفوا قسوة الصحراء وشدتها وخلع عليها العديد من المسميات " کالمفازة ، والمهمه والتيهاء.." إلا أنه تميز بتقص دقيق لملامحها، و بتوظيفها بکل ما فيها ليرمز به إلى ما اعتمل في نفسه، وما مر به من قسوة حياة تشبه کثيرا بل ربما تفوق في نفسه قسوة الصحراء.
کما کشفنا الطريقة التي اعتمدها في مدحه وهجائه  ليعلي من شأن تلک الذات ، لقد تميز ذو الرمة في إبداعه لا لرسمه لوحات فريدة للصحراء تقصى معالمها باللون والصوت والحرکة فقط، بل لمقدرته على شحن تلک اللوحات قدرا کبيرا من الرموز التي عبرت عن تجربته الأليمة في صحراء مجتمع الحضر لا مجتمع البادية. وهو وإن بدا لمعاصريه غير موفق في المدح أو الهجاء فقد تناولنا نصوصه في الغرضين لنصل إلى أن هدفه فيهما ذو أيديولوجية اتخذت منحى مغايرا للمنحى المعروف لهذين الغرضين.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية