تأثير الشعر الأندلسي على الأدب الفرنسي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

لا يوجد

المستخلص

کل من يدرس تاريخ الحضارة في  العصر الوسيط يعرف و يسلم بأن الأندلس کانت موطنا للقاء طويل بين حضارتين ... حضارة إسلامية عربية شرقية من جانب ، و حضارة مسيحية لاتينية أوروبية من جانب آخر ، ويتفق الدارسون أن هذا اللقاء کانت له آثاره التي  يمکن رصدها في  حياة إسبانيا المسيحية حتى وقتنا المعاصر ،وفي حياة أوروبا الغربية في  أخر القرون الوسطى ، ومع بداية عصر النهضة.
وقد کتب الباحثون الإسبان في  تأثر إسبانيا بالحضارة الاسلامية کتباً و أبحاثاً عديدة ، لعل أشهرها ما أثاره من نقاش ومعارضة ، ما کتبه العالم الإسباني أميريکوکاسترو Americo Castro  فى کتاب صدر بالإسبانية في  بيونسايرس بالارجنتين عام 1948م بعنوان  Espana ensu historia ثم صدرت بعد ذلک طبعات مجددة بالإنجليزية و الإسبانية .
وکذلک کتب الباحثون الأوروبيون عن تأثير الحضارة الاسلامية في  الغرب الاوروبي ،  وسجلوا ما ترجم إلى اللاتينية من مؤلفات عربية ، وما  دخل عن طريق إسبانيا العربية إلى ذلک الغرب من آثار في  فروع العلم المختلفة ، و في  نظم الحياة المادية و الاجتماعية والفنية.
و القضية التي  لم تطرق حتى الآن هي  قضية التأثير العکسي أي تأثير الحضارة المسيحية اللاتينية في  الأندلس العربية ، لقد کانت الحضارة العربية في  الأندلس أکثر ازدهارا و تقدماً من الحضارة اللاتينية في  کثير من الجوانب ، وذلک يقضي بطبيعة الحال إلى أن يکون العطاء من الأکثر تفوقا وأن يکون الاستقبال من هو دونه ، ومع ذلک فإن الظروف التاريخية للحضارة العربية في  الأندلس کانت تتيح اتصالا وثيقا لابد أن تکون له بعض النتائج في  الحضارة الأندلسية ذاتها منها :  أن المنطقة الإسلامية من إسبانيا کانت تشتمل على جماعات ضخمة من المسيحيين يعيشون داخل المجتمع الإسلامي  حيث يمارسون شعائرهم الدينية و يحتفلون بأعيادهم ومواسمهم و يحتفظون بتقاليدهم الشعبية ، ويقيمون علاقاتهم الاجتماعية حسب أعرافهم .
ومنها أن اللغات غير العربية ظلت حية داخل المنطقة العربية ،  و أن کثيرا من العرب و من المسلمين المستعربين کانوا ينطقون لغات أخرى غير العربية  ، ويتکلمون بها في  حياتهم اليومية بجانب اللهجات العامية العربية ، ومنها أن الأندلس العربية کان يعيش فيها عدد من علماء المسيحية الذين يعرفون اللاتينية و يتدارسونها ، ويعتبرون أنفسهم حملة لهذه الثقافة اللاتينية ، ولم يکن الجدال الديني لينقطع بين العلماء من أهل الملتين ذلک أن الحدود بين المنطقتين العربية واللاتينية لم تکن موجودة ، وإنما کانت متأرجحة ، بحيث يفاجأ کثير من سکان الدولتين الإسلامية و المسيحية بتغيير تبعيتهم السياسية نتيجة الحروب و التوسع أو التقلص في  حدود الدولتين.
ومن الظروف التي  ساعدت على ذلک اعتماد أهل الدولتين الإسلامية و المسيحية على مناصرة اخوانهم في  الدين ممن هم خارج حدود إسبانيا ، فاعتمد المسلمون على المغاربة وأعتمد المسيحيون على دول العالم المسيحي  في  أوروبا حيث يتوافق على کلا الجانبين أنصارهم طلبا للجهاد.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية