الاغتراب فى قصة آدم لزهرا خوش نظر : دراسة تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس بقسم اللغة الفارسية وآدابها کلية الآداب – جامعة المنوفية

المستخلص

-       يعد مفهوم الاغتراب من أکثر المفاهيم إثارة للجدل و لاختلاف الآراء بين المفکرين و الفلاسفة ، فهو من المفاهيم التى يصعب إعطاء حل قاطع فيها وتحديد معنى شامللها .
-       الاغتراب کمفهوم إنسانى قد امتد وجوده ليشمل مختلف أوجه الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية منذ القدم .
-       تمثل الاغتراب فى الإسلام فى أن الإنسان بعد ما کان واحداً مع الله صار منفصلاً عنه، أى أن الوحدة التى کانت تتمتع بها روح الإنسان فى وجوده الأصلى الأول قد انفصمت عراها من خلال المعصية ، أى أن المفهوم ظهر عندما اغترب الإنسان عن ربه حين عصى أمره و أکل من الشجرة المحرمة ، فهبط من السماء إلى الأرض راجياً رحمة ربه .
-        استخدم الصوفية مفهوم الاغتراب بمعانيه المختلفة و عايشوه تجربة وجدانية ووجودية ذات أبعاد دينية تبدأ بخروج الإنسان من الجنة و هبوطه إلى الأرض ، وهذا ما أشار إليه ابن العربى الذى يرى أن الاغتراب يعنى انفصال الإنسان عن الله و يعبر عن هذه الفکرة بقصة آدم و هبوطه من الجنة إلى الأرض ، و يقول إن أول غربة اغتربناها وجوداً حسياً عن وطننا غربتنا عن وطن القبضة عند الإشهاد بالربوبية لله علينا و هذا الفکر هو ما اتخذته الکاتبة
" زهرا خوش نظر" منهجاً لها عندما تناولت قصة آدم .
-        تساءلت الکاتبة عن مسألة خلق الإنسان و التى تمثل أحد أهم الأسئلة الوجودية الثلاث التى طرحها و ما زال يطرحها الإنسان على نفسه فى کل زمان و مکان و هى : من أين جاء ؟ لماذا هو موجود ؟ ما هو المصير ؟ إلا أنها قد بدأت تساؤلاتها مما قبل الخلق ، عن بداية قصة آدم و عن وسوسة الشيطان لآدم و عن المعصية التى وقع فيها .
-        رأت الکاتبة أن معاناة الإنسان على الأرض هى معاناة اغتراب عن الوطن الأصلى الذى أُخرج منه بسبب المعصية التى ارتکبها فالوطن الأصلى للإنسان هو الجنة و طُرد إلى الأرض لاستماعه إلى غواية الشيطان .
-        رسمت الکاتبة صورة للحياة تُمثل قمة المعاناة فهى سجن للإنسان يعيش فيها حياة حيوانية لا يعنيه فيها سوى ما يعنى الحيوان من مأکل و مشرب و مسکن يحيا فيها لکن بقلب ميت و فى صورة مقابلة رسمت صورة للموت جعلته هو المخلص للإنسان من آلامه و المُنجى له من متاعب الأرض التى نُفى إليها .
-        ترى الکاتبة أن الموت هو موت القلب و سببه هو جهل الإنسان و عدم استماعه لکلام الأنبياء و اعتزازه بعقله فقط دون سواه و هذا هو سبب أمراض الروح التى أصيب بها و لم يجد لها علاجاً على وجه الأرض .
-        تعتقد الکاتبة أن الإنسان قد فقد نفسه و نسيها و أصيب بانعدام الهوية عندما هبط على الأرض و نسى الهدف من خلقه ألا و هو العبادة .
-        هناک نقد يمکن أن يوجه للکاتبة التى رأت أن نزول آدم إلى الأرض هو عقاب من الله سبحانه و تعالى له على معصيته ، فالله عز وجل لم يُرسل الإنسان إلى الأرض عقاباً له على معصيته فقد خلق الله ما فى الأرض جميعاً للإنسان ( هو الذى خلق لکم ما فى الأرض جميعاً ) البقرة الآية 29 لأنه خلقه لأمر عظيم ، خلقه ليکون مستخلفاً فى الأرض مالکاً لما فيها ، فاعلاً مؤثراً فيها لأنه الکائن الأعلى فى هذا الکون العريض و دوره فى الأرض هو الدور الأول ، فاستخلف الله عز وجل آدم فى الأرض و منحه مقاليدها على عهد من الله و شرط و أعطاه المعرفة التى يعالج بها هذه الخلافة .
-        لقد أرادت المشيئة الإلهية أن تسلم لهذا الکائن الجديد فى الوجود زمام الأرض و تطلق يده فيها و تکل إليه إبراز مشيئة الخالق فى الإبداع و کشف ما فى هذه الأرض من قوى و طاقات و کنوز و خامات و تسخير هذا کله بإذن الله فى المهمة الضخمة التى وکلها الله إليه و منحه الإرادة المستقلة التى تختار الطريق ، لقد أُبيحت لآدم و زوجه کل ثمار الجنة إلا شجرة واحدة ربما کانت ترمز للمحظور الذى لابد منه فى حياة الأرض ، فبغير محظور لا تنبت الإرادة و لا يتميز الإنسان صاحب الإرادة من الحيوان المسوق ، و عندما استمع آدم لغواية الشيطان و أمره الله بالهبوط إلى الأرض کان ذلک إيذاناً بانطلاق المعرکة بين الشيطان و الإنسان إلى آخر الزمان .
-        هناک إعلاء من شأن الإرادة فى الإنسان ، فهى مناط العهد مع الله و هى مناط التکليف و الجزاء ، إنه يملک الارتفاع على مقام الملائکة بحفظ عهده مع ربه عن طريق تحکيم إرادته و عدم الخضوع لشهواته و الاستعلاء على الغواية التى توجه إليه ، بينما يملک أن يشقى نفسه و يهبط من عليائه بتغليب الشهوة على الإرادة و الغواية على الهداية و نسيان العهد الذى يرفعه إلى مولاه .

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية