الأثر الجغرافي وأبعاده التاريخية في بلورة الفکر الشيعي بطبرستان 250-316هـ/ 864 - 928م

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية المساعد کلية دار العلوم ، جامعة الفيوم

المستخلص

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين، وبعد،،
فهذا بحث في تاريخ الشرق الإسلامي  بعنوان: "الأثر الجغرافي وأبعاده التاريخية في بلورة الفکر الشيعي بطبرستان" وکان الهدف الأساسي من وراء البحث في هذا الموضوع، هو بيان أهمية العوامل الجغرافية في الأحداث التاريخية وتأثيرها في المجتمع، فقدت شهدت الدولة العباسية في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي نزعة استقلالية في أطرافها، فعاشت الدولة مرحلة من أکثر مراحلها سوءًا، إذ عمت الاضطرابات والفتن من کل نوع وزادت حدة الصراعات وبدأت الأحوال الاقتصادية تتدهور، وتجرأ الأمراء المحليون على الخروج عن طاعة الخليفة، والطمع بأرض الخلافة والسيطرة على بغداد.
          وکان من الطبيعي في هذا الوقت أن تأخذ في الظهور على مسرح الأحداث دويلات صغيرة حاولت الاستقلال عن الخلافة العباسية، مثل الدولة الطاهرية، والدولة الزيدية، والدولة الصفارية، والدولة السامانية، وغيرها.
          وکان قيام الدولة الزيدية في إقليم طبرستان نتيجة للفوضى السياسية التي اتسمت بها تلک الفترة من اضطرابات فلا شک أن المعارضة الشيعية التي قامت في جهة الخلافة العباسية قد وجدت ملجأ لها في تلک المناطق البعيدة عن مرکز الخلافة، فنجحت في استقطاب أعداد کبيرة من الأهالي إليها، وإن مبادرتها التي دعت إليها والتي تتلخص في إظهار مباينة الظالمين والتجرد لصدهم ودفعهم، کانت السبب الأساسي لنجاحهم في نشر مذهبهم.
          إن سياسة الولاة الجائرة تجاه أهل البلاد کانت سببًا رئيسيًا لنجاح العلويين في استغلال موجه السخط التي عمت البلاد لصالحهم ونشر مذهبهم المعارض للخلافة العباسية على اعتبار أنها خلافة غاصبة.
          والحقيقة أن العوامل الجغرافية لإقليم طبرستان کان لها أثرها الواضح في انتشار الفکر الشيعي بها، وذلک نظرًا لما يتمتع به هذا الإقليم من مناطق جبلية کثيرة ساعدت على الوقوف بوجه کل الغزوات الخارجية، واستطاع زعماء الزيدية أن ينجحوا عن طريق دعاتهم الذين بثوا مبادئهم بين الأهالي أن يمهدوا لقيام أول دولة زيدية في طبرستان، معتمدين على شعوب الديلم الذين يسکنون في الجبال المحيطة بطبرستان.
          وکان لاضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية دور کبير في اعتناق أهل بلاد طبرستان لمبادئ التشيع، وذلک تعبيرًا عن سخطهم على تلک الأوضاع، وذلک بصرف النظر عن اعتناقهم لذات المذهب الشيعي نفسه.
          إن هذه الدراسة تحاول أن تقدم صورة واضحة عن الأثر الجغرافي وأبعاده التاريخية في بلورة الفکر الشيعي بإقليم طبرستان، وذلک بإبراز أهمية خريطة المنطقة من الناحية الجغرافية، ومن بعدها عن مرکز الخلافة، ووجود الکثير من الجبال المحيطة بها، وأبعاد ذلک من الناحية التاريخية، ولذلک فمن المنطقي تصور أن أهمية هذا الموضوع ترجع إلى أن الفکر الشيعي في إقليم طبرستان  إنما انتشر بفضل الطبيعة الجغرافية والبشرية في هذا الإقليم المتطرف عن سلطة الخلفاء العباسيين بالمشرق العربي.
          کما أن الهدف المرجو أيضًا من وراء هذه الدراسة أن تفتح الباب واسعًا أمام الباحثين لدراسات تفصيلية عن إقليم طبرستان.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية