نزوع بنية النسَب من الشذوذ إلى الشيوع بين التراث والمعاصرة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

بکلية الألسن، جامعة کفر الشيخ.

المستخلص

ألفاظ اللغة هى عالم الإنسان الرمزي، الذي يبلغ أعلى درجات التجريد في بناه الصرفية، تلک التي تنطوي على نسق من العلاقات شبه الثابتة، فيسهل رصدها کُلَّما نَحَت اللغة إلى الاطراد والقياس، ومن ثمَّ قد يبدو لبعض الباحثين أن ألفاظ اللغة المنقادة لسلطان القياس هي معيار الصواب المطلق، وهنا مکمن الخطر في تحليل اللغة، لِمَا ينطوي عليه ذلک من افتراضٍ لصوابيَّةٍ مطلقةٍ لمستوى لغوي تاريخي معيّن، يصادر الحاضر لحساب الماضي ويفتئت على المستقبل، ويجاهد طوال الوقت لمحاصرة (الشاذّ) في رکن قصيٍّ من خزائن اللغة، فإذا بدَا منه شيوعٌ على ألسنة المتکلمين، بادرنا إلى حَطِّهِ عن مرتبة الصواب التي افترضناها. أفليس هذا قمعًا لبعض أبناء الأم الواحدة؟ هکذا يصير المستوى الصوابي فکرة دراسية يراعيها الباحثون بدل أن تکون فکرة اجتماعية يراعيها المتکلم. إنَّ سيرورة الحياة تستدعي تغييرات لغوية تستوعب حرکتها، وليس هذا قرارًا يملکه الباحثون في اللغة بقدر ما هو احتياج حيوي لمستعملي اللغة تقبله بنية نظامها الصرفي، إذ "کل ما يطرأ على (البنية) من أحداث أو أعراض– أو ما شئت من عوارض– لا يقع لها من الخارج بل من شأن کل (بنية) أن تنطوي على (ميول کامنة) أو (اتجاهات باطنة) تکون هي المسؤولة عن کل ما قد يعرض لها من تغيرات".لأجل هذا کان التطور اللغوي (الصوتي والصرفي والمعجمي والدلالي) يستتبع تغييرًا في المستوى الصوابي من الناحية التاريخية، فبعض ما کان مستساغًا في الماضي صار ممجوجًا اليوم، وبعض البنى الموصوفة بالشذوذ أو الندرة أو القلة قديمًا قد نزعت اليوم إلى الشيوع ما دامت الألسنة قد استساغتها وتوسعت فيها استعمالًا وتوليدًا.


 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية