المجتمع المدني في النظرية السوسيولوجية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الآداب – جامعة المنوفية

المستخلص

يُرجع بعض الباحثين ظهور مفهوم المجتمع المدني إلى الفلسفة اليونانية القديمة، فيرسم أفلاطون(427- 347 ق.م) في کتابة" الجمهورية " صورة للمجتمع المدني العادل أو الدولة المثالية والذي يزيدها رصانة ويمنحها القوة حکم العقل والذي تشکل بغرض إشباع حاجات البشر التي لا يمکن إشباعها إلا بتعاون الأفراد مع بعضهم 
في حين أشار أرسطوAristotle(384-  322 ق.م) في کتابة" السياسة" على ان المجتمع المدني هو مجموعة سياسية تخضع للقوانين، أي أنّ أرسطو لم يميّز بين الدولة والمجتمع المدني، فالدولة عند أرسطو والفلسفة اليونانية عموماً يقصد بها مجتمع مدني نمى نمواً طبيعياً من الأسرة إلى القرية إلى دولة المدينة ، ودعا أرسطو إلى تکوين مجتمع سياسي تسود فيه حرية التعبير عن الرأي ويقوم بتشريع القوانين لحماية العدالة والمساواة، إلاّ أنّ المشارکة في هذا المجتمع السياسي تقتصر على النخبة، ويحرم منها ومن حق المواطنة العمال، الأجانب والنساء.
بينما نجد القديس أوغسطين  Augustine of Hippo (354-430م) في کتابة " مدينة الله" يرى أن کل سلطة مصدرها الله ويرجع استقرار النظام الاجتماعي لإرادة الله، فمملکة الأرض خاضعة دوماً لمملکة السماء، غير أن الرومان استعملوا هذا المصطلح، للتمييز ما بين  العرق الروماني الخالص و البرابرة والمتوحشين.
حاول القديس توما الأکويني Thomas Aquinas (1225  -1274م )خلق وفاق بين المسيحية وأرسطو، فأخذ من أرسطو النظام العقلاني لکن ردة إلي الله ، فالله هو مؤسس النظام العقلاني في الکون کله.
بينما نظر مارسيل دوبادوا  Marseille de Badoo  إلى المدينة أو الدولة کمجتمع کامل قادر على أن يوفر لنفسة کل ما يحتاج لکي يحيا حياه طيبة، والعقل هو الأساس للحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، کما أکد على ضرورة قيام حکومة مدنية لإقرار الأمن والسلام، بينما الدنيا ما هو إلا وسيلة للنجاة من عذاب الآخرة، في حين فصل بين العقل والدين وأشار إلى أن رجال الدين هم جزء من المجتمع المدني.
أرسى مارتن لوثر Martin Luther (1438- 1546م) مبدأ الفحص العقلي الحر للکتاب المقدس، وضع نهاية للرؤية الأحادية في الدين، أکد على أن العلمانية نظام اجتماعي يحتکم للقانون المدني، رفع السقف الديني عن المجتمع المدني والسلطة السياسية.
ثمة  إجماع بين الکثيرين حول ان ظهور المجتمع المدني ارتبط بتطور الفکر السياسي الغربي الحديث منذ عصر النهضة، والذّي تميز بظهور مجموعة من المفکرين نادوا بمجموعة من المبادئ تدعو إلى التحرر من سلطة الکنيسة فلسفة الحاکم المطلقة (نظرية الحق الإلهي للملوک)، والتّي کانت وراء إفراز المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة وسيادة الشعب کما يعرفها العالم اليوم، فقد طمحوا إلى تأسيس مجتمع مدني جديد أساسه الحرية، المساواة، الاستقلال، کما يختلف في تکوينة عن المجتمع الإقطاعي( الذي يمثل الحالة الطبيعية) 
کما ارتبط هذا المفهوم بتاريخ نضال الشعوب من أجل الديمقراطية والحرية والمساواة، کما يعد أفضل وسيلة لعلاج التعارض الظاهري بين حاجة الإنسان إلى الحرية وبين حاجته للأمن والأمان.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية